بين العمل الحر وريادة الأعمال منطقة رمادية، يشغلها الكثير من الناس المتحمسين لبناء وتأسيس مشاريعهم بأنفسهم، دون تقاسم الأرباح مع أحد، هؤلاء الأشخاص يتميزون بعدة صفات منها أنهم لا يريدون تسلط أحد عليهم (كالمستقلين)، بنفس الوقت لا يريدون أن يظلوا تحت وطأة البحث عن الزبائن والعملاء بعد انتهاء كل مشروع ينفذونه، لديهم أفكار كبيرة يريدون تحقيقها (كريادي الاعمال).
لذا يتجه هؤلاء الأشخاص لنوع المشاريع التي تتكون من شخص واحد، يعرف هؤلاء بالرياديون المستقلون solopreneurs. هم بمنطقة بين ريادة الأعمال بصورتها المألوفة، والعمل الحر الذي يتطلب جلب زبائنك بنفسك.
على سبيل المثال إذا كنت مبرمجًا مستقلًا، فأنت لديك حساب على موقع مستقل، تنفذ المشروع تلو الآخر .. حتى تضمن لنفسك دخلًا ثابتًا ماديًا، بنفس الوقت لديك تلك المشاريع الجانبية. إحدى هذه المشاريع الجانبية تطوّر مع الوقت وأصبح يُدري عليك ربح أضعاف ما تجنيه من العمل على منصات العمل الحر. أصبح يحتاج جُلّ وقتك.
إذا انتقلت لهذه المرحلة من العمل وحدك على مشروع خاص يحقق لك أرباح جيدة، واعتمدت في القيام بالمهام المتكررة على شراء الخدمات المصغرة أو توظيف آخرين. مبارك فأنت ريادي مستقل.
هل أنت مستعد للتحول من العمل الحر إلى ريادة الأعمال ذو الشخص الواحد؟
هذا النوع من الأعمال ليس سهلًا أبدًا، بل ربما يكون أصعب من النوعين (العمل الحر – مشاريع الفرق). مهارات كالقيادة وضبط النفس، العمل تحت الضغوط، المرونة في التعامل مع المشكلات، كل هذه مهارات ستحتاجها بهذا النوع من المشاريع. لكن توجد بعض الإشارات التي تدفعك للإجابة بنعم
تقوم بتنفيذ المشاريع بكفاءة عالية.
تمتلك خبرة كبيرة في العمل مع أصحاب المشاريع وإدارة الأشخاص عن بعد.
دائمًا تعمل على مشاريع جانبية.
تمتلك مهارات تسويقية وتواصل ممتازة.
كل هذه إشارات تدل على أنك مستعد لتؤسس مشروعك الناشئ وحدك. لكن ماذا تفعل بعد معرفة ذلك. حسنًا هذه نصائحنا لك ..
خطِط
طبيعي للموظف الثابت أن يفكر في إدخار مبلغًا لما بعد انتهاء مسيرته المهنية، وطبيعي للمستقل أن يفكر في إنشاء فكرة تركز في مجال واحد أو تحل مشكلة معينة، معرفة أنك مستعد وتمتلك المهارات تختلف عن مرحلة التخطيط.
بمرحلة التخطيط يجب أن تحدد هل مشروعك سيحتاج أحد آخر، أم أنك تستطيع القيام بكل المهام والإدارة بنفسك، ما هو حجم أعمالك المتوقع خلال العامين القادمين، هل ستكوّن فريق للمشروع بعد عدة أعوام.
يجب أن تكوِّن رؤيتك عما ستقوم باقتحامه، قد يكون العثور على عميل جديد بالعمل الحر أمر مجهد، لكن تأسيس مشروع ناشئ، وبدون فريق .. حسنًا يمكنك تخيل الأمر. لذا فالتخطيط المسبق أمر لا مفر منه.
ركِّز
الأعوام الأولى من مشروعك الناشئ ستكون الأصعب، ستجرب فيها أنظمة عمل لا تعد ولا تحصى، ستتعرف فيها على المهام المتكررة، والمهام التي تأخذ وقت أكثر مما تبدو عليه، ستواجهك بعض المشكلات الاجتماعية، كل هذا طبيعي.
المهم أن تحافظ على تركيزك، لأنك إذا فقدت تركيزك لوهلة فقد ينزلق مشروعك الناشئ لمنحدر لا تعلم نهايته.
عندما تحتاج الوقت .. وظِّف آخرين
صحيح أنك الآن تعمل لحسابك وترى طفلك يكبر أمام عينيك، إلا أنك وكأي شخص آخر لا يستطيع عمل كل شيء. وماذا يفعل شخص لا يستطيع عمل كل شيء؟
ببساطة .. يستعين بآخرين للقيام بالأمر.
حتى أقرب لك الصورة أكثر، تخيل أن لديك موقع متخصص في نشر مقالات خاصة بالأمن المعلوماتي .. الموقع مدار من قبلك، وكل المقالات التي تنشرها هي من كتابتك، نظرًا لخبرتك الكبيرة بالمجال حبك للكتابة فضلت أن تؤسس هذا الموقع وتربح منه.
لكن ألا يمكنك توفير بعض الوقت لكتابة مقالات أخرى، بترك عملية المراجعة والتدقيق اللغوي لشخص آخر، ألا يمكنك الاستعانة ببعض الخدمات البرمجية لصيانة الموقع دوريًا، وتصميم تطبيق هاتف ذكي لنشر الموقع .. بالطبع يمكنك.
غيرها من الأمور التي توفر الوقت وتجعلك تركز على مهمتك الرئيسية بمشروعك وهي صناعة المحتوى لموقعك. فالمهام الصغيرة التي تحتاج لوقت كبير نظرًا لكمها الكبير، يمكنك إنجازها عن طريق شراء الخدمات المصغرة. المشاريع الكبيرة الطارئة .. يمكنك الاستعانة بمستقلين لإنهائها.
لا تفزع أنت لازلت مستقلًا
ماذا لو حدث وأن نفد منك المال، فلم تستطع أن تستمر بمشروعك، هل ستتوقف؟ كيف تسأل سؤال مثل هذا وأنت مستقل، لقد اعتدت على تلك الأمور. بإمكانك في أي وقت أن تتوقف وتجني بعض الأموال من العمل على المشاريع لتعود وتكمل مشروعك الناشئ.
لذلك الانتقال من العمل الحر لريادة الأعمال قد يبدو أيسر بالنسبة للانتقال من وظيفة ثابتة وتأسيس مشروع خاص، إذ أن عنصر المخاطرة وقدرة مواجهة الظروف الصعبة موجود مسبقًا.
بنهاية المقال يسعدنا دائما أن نسمع منكم، فنحن نعلم أن كثيرًا ممن المستقلين يعملون على مشاريع جانبية ويطمحون يومًا أن تتحول تلك المشاريع لشركات كبرى ..