لكي نتعرف على سبب نجاح امازون علينا اولاً ان نتعرف على قصة امازون ونشأتها، تبدأ القصة مع شاب يدعى جيفري بريستون يورغينسينز كان شاباً طيباً وذكياً. امضى فصول الصيف ايام طفولته في مزرعة جده واستمر الى ان تخرج من دراساته العليا بامتياز من جامعة برينستون حيث حصل على درجتي البكالوريوس في علوم الحاسب والهندسة الكهربائية.
جاء هذا الشاب بفكرة ستغير حياته وحياة كل من حوله. ترك جيفري وظيفته السهلة ذات الراتب الجيد في احد صناديق الاستثمار في مدينة نيويورك لينشئ محل كتب على الانترنت اسماه كادابرا من كراج منزله. محل كتب؟ على الانترنت؟ يمكنك ان تتخيل كيف نظر الناس اليه حينها.
اليوم، كادابرا هي شركة تبلغ قيمتها السوقية 90 مليار دولار. وذلك الشاب الذكي من جامعة برينستون, جيفري؟ انه احد اغنى اغنياء العالم، ان ثروته الشخصية تقدر بحاولي 22 مليار دولار.
ذلك الشاب يعرف اليوم ب “جيف بيزوس” وكادابرا هي “امازون”.
عندما قرا الناس عن صعود امازون الصاروخي من بداياتها المتواضعة، كان السؤال الذي يلح للحصول على اجابة هو “كيف؟” كيف استطاع فعل ذلك؟ كيف استطاع تحويل محل غير معروف لبيع الكتب على الانترنت الى اكبر محل للبيع بالتجزئة على الانترنت، الى كيان يهدد حالياً بتغيير الطريقة التي تقرأ بها الكتب منذ مئات السنين؟ كيف تحولت كادابرا من بيع الكتب الى امبراطورية في يومنا هذا؟
العامل الرئيسي الذي مكن امازون من النمو بهذا الشكل الكبير هو التركيز على ما رآه بيزوس على انه اهم مسننة – عنصر – في الترس وهو العميل. كانت طريقة امازون ولازالت، قد تم اعدادها مع التفكير بهدف واحد فقط – ارضاء الزبون.
هذه الاستراتيجية يتم تطبيقها بثلاث طرق – تقديم اكبر تشكيلة ممكنة، كل الطرق المناسبة والممكنة للشراء, واقل الاسعار على سطح هذا الكوكب. ان لدى امازون مخزوناً لانهائياً من كل شيء موجود تحت الشمس تقريباً. مع ذلك، فان التشكيلة الاكبر ليست كافية لجلب الزبائن. ولكن يتكفل السعر المنخفض بذلك، مما يغني عن المنافسين، الذين لا يمكنهم العمل مع هذا الكم من الاقتصاد. وفوق ذلك يمنحون اشياء مثل الشحن المجاني، تتبع الطلبات بحيث يصبح الامر مريحاً قدر الامكان للزبون.
صوره لاحدى عروض امازون تقدم لمستخدميها بطاقة ائتمان وعند شرائها تحصل على رصيد بقيمة ٣٠$
حسناً، كيف يساعد الشحن المجاني والاسعار المنخفضة امازون على تحقيق الارباح، ان كان منافسوها يخفقون؟ الاجابة البسيطة على ذلك هي, حسناً، انها لا تساعد. يمكنهم تحقيق الكثير من الارباح عن طريق تحصيل ثمن الشحن ولكنهم اختاروا الا يفعلوا ذلك. في عرض قدموه للمحللين في العام 2009، زعم ج. جكوتاك، المدير المالي لامازون انهم يخسرون 600 مليون دولار سنوياً كعائدات ضائعة من الشحن.
لقد حدثت ضجة كبيرة عندما قلص بيزوس ميزانية الاعلان لتحل محلها ميزة الشحن المجاني، مما يعني دفع الاموال لارضاء الزبون. وصف الناس هذه الحركة بالغبية وانها تدل على عدم الخبرة. كيف يمكن لامازون ان تستمر بالبقاء بدون تسويق؟
“ان بنيت تجربة رائعة، فسوف يخبر الزبائن بعضهم البعض عن ذلك“، هذا ما قاله بيزوس. “ان تناقل الكلام بين الناس فعال جداً.”
الهدف كان انه لم يكن يقتطع المال من التسويق اصلاً، لقد كان يحولها الى ما كان في الحقيقة قناة تسويق اخرى. وقد كانت ضربة معلم. لقد ركز كل قوة امازون في بناء تجربة رائعة للزبون. لقد جعل من زبائنه مسوقين.
وقد نجح ذلك. اصبحت امازون هي امازون.
مع ذلك حتى ينجح كل شيء كما هو الآن، كان على بيزوس ان يعمل كثيراً حتى يجعل تجربة الزبون على ما هي اليوم – اسطورية، جاءت امازون بالكثير من الافكار الجديدة الى الصناعة، حيث شقت طريقها عن طريق الابتكار للوصول الى تجربة شرائية لا مثيل لها.
ان لدى بيزوس استراتيجية فريدة من نوعها لخدمة الزبائن. بعكس معظم الشركات حيث يجري الزبون مكالمة لطلب الدعم، لدى امازون سياسة بحيث تطلب من الزبائن تعبئة استمارة يذكرون فيها ارقام هواتفهم والاوقات التي يودون ان يتم فيها الاتصال بهم. وفي معظم الاوقات، تتم المكالمة مع الزبون في نفس اليوم، احياناً في نفس الساعة! يخضع ممثلوا الشركة لتدريب مكثف حتى يتم التاكد من قدرتهم على خدمة الزبون لاقصى حد. انها حقيقة قلت معرفتها انه من الاجباري لكل موظفي امازون ان يعاملوا الهاتف على انه رجل لمدة يومين، كل سنتين. حتى جيف بيزوس غير معفى من ذلك.
يتم تطبيق القانون بصرامة للتأكد من ان لا يفقد اي موظف تركيزه على الشيء الاكثر اهمية بالنسبة للشركة: الزبون، كل هذه الاستراتيجيات التي فكرت بها امازون كثيراً قد آتت اكلها. الانترنت مليئة بقصص حول شهامة (كرم) امازون.
صندوق طرود امازون
تفقد ممثل خدمة الزبائن وضعية الطلب، وقد قاموا بتجميع الاحداث كاملة. احد جيرانه على ما يبدو قد قام بالتوقيع على استلام الطلب ثم ادرك ان ذلك الجار ربما قام بوضعها على عتبة الباب. تم التاكد من الجار وثبت ان القصة كاملة صحيحة ولكنه صدم لان الكريسماس على بعد اربعة ايام وهدية ابنه مفقودة الآن. هنا تدخلت ثقافة “الزبون اولاً” الخاصة بامازون.
اكد ممثل خدمة العملاء للرجل انهم مقتنعون بانه لم يستلم الطرد وانهم موافقون على ارسال بديل. لم تصل الهدية في الوقت المناسب للكريسماس فحسب، بل انهم اعفوه من اجرة الشحن.
هذا الزبون السعيد ذهب لكي يخبر قصته للملايين من خلال مقال في جريدة النيو يورك تايمز. لم تكن امازون تعلم انه كاتب في جريدة النيويورك تايمز ومن انه سيتأثر لهذه الدرجة بهذه اللفتة الكريمة. لقد كانوا يفعلون ما يبرعون به : اسعاد الزبائن.
هل كانت خدمة الزبائن الرائعة ام استراتيجية التسويق هي من جعلت من بيزوس عبقرياً؟ في كلا الحالين، لا يهم ذلك امازون لانها بطريقة ما تحوي كلا الامرين معاً.